ســبــحــانــك ربّــــي

*ـ ســبــحــانــك ربّــــي



سبحان اللّه شجرة واقفة,جميلة حين تقف,لا تكلّ.سبحان اللّه

قمر معلّق كالقنديل كثيرا ما يُنير و قليلاً ما تُغيّب لون وجهه الفضّي

الغيوم,لا يموت إلاّ لأنّه سيولد من جديد,يَدَّعي له وصلاً كلّ مُتَيّم و

حزين.سبحان اللّه شمس حارقة مهلكة في طبيعتها تبعث في

كوكبنا الحياة,إشراقها رائع و غروبها أروع.سبحان اللّه أنهارٌ أوديةٌ

رقراقة تجري لا تتعب لا تنضب ,تسري معها الحياة أيمنا سَرت

خلاّبة المنظر تأسر النفوس,سبحان اللّه أطيار تطير,تمشي,

تسبح,تتشابه لكنّها تتخالف. سبحان اللّه وحوش بآلاف الأشكال

و الألوان و الأحجام و الطّباع,غادرة بغيرها ,حنونة رقيقة على

جنسها.سبحان اللّه أزهار تنبت في شقوق الصّخر ,أخرى تتحدّى

الموت في الأرض القفر,و أخرى تخرج في المروج قرب البحر,

فيها السّم و البلسم.سبحان اللّه صحراء رمالها تمتدّ إلى ما وراء

الأفق,تميّزها الوان ثلاث الأحمر و البنيّ و الأصفر,يرادف معناها

الخُلوة و الهدوء أو المَوْت,نميل إلى حبّها ربّما لأنّها تذكّرنا بأرض

المحشر.سبحان اللّه بَحر مبسوط الأطراف,لا يدرك امتداده

البصر,زُمرُّديُّ اللّون أو فَيروزيٌّ سّاحر,لا يُغير الزّمن طعمه,سَيّد

الشّاعرية في معناه بلا منازع,قاتل في حقيقته إذا هاج, يدفعنا

الحزن إلى شاطئه لعلّه يمسح القليل منه,أما عند الفرح فنطلبه

شاهداً و مُشاركاً لأفراحنا. سبحان اللّه يتعاقب اللّيل و النّهار ,

يحلّ اللّيل فيهدأ الكون و يسكن,محطّات للموت,ثمّ ينساب النهار

خلاله خُيوطاً رقيقة,يُزحزحه في صمت رهيب ,حتّى إذا تمكّن منه

صاح ديك و زقزقت عصافيرٌ تُعلن ميلاده,فَيهُبّ كلّ حيّ إلى ما يشغَله.

سبحان اللّه من ذرّة غبار يتربّع هذا الجبل الأشم الشاهق.سبحان

اللّه من خلية بدأ خلق هذا الحوت العملاق في المحيطات.سبحان

اللّه من آدم و حوّاء تعاقب على خلافة الأرض ملايير البشر.سبحان

اللّه هذا الإنسان نفس و روح و جسد,تتدافع تتسابق,فيحبّ و يكره,

يسامح و ينقم,يضحك,يبكي,يفرح,يحزن,ييأس,يأمُل,يقسو,يلين,يفي,

يخون,يؤاثر,يحسد,يتعدّى,يتورّع,يكفر و يؤمن.ربّانيّ نُورانيّ يفوق

الملاك إذا آمن و اتّقى,سفليّ ظَلاميّ إذا كفر و ظلم,تُهلكه شَربة

ماء أو تُحييه,تقعدُه شوكة,تظطرّه عذرة,خَلْقُه من نُطفة,بينه و بين

الحياة نَفَسٌ واحد.يُسْمن جسماً لِدُودة.

سُــــــــــبْـــــــــــحَـــــانَـــــكَ رَبِّــــــي الـــــــخَــــــالِــــــقُ

البـارئ المــصـــوّر إنّـــي كــنـــت مـــن الـــظّـــالمـــيــــن.



هــــــــــــــمــــــــــــــســـــــــــــة فـــــــــــرح